الجواب قد
قاله قتادة بن دِعَامة السَّدوسي، رحمه الله، في قوله تعالى: { وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأرْضِ } قال: كان هذا الحي من العرب أذل الناس ذُلا
وأشقاه عَيْشًا، وأجوعه بطونًا، وأعراه جلودا، وأبينه ضلالا مكعومين على رأس حجر، بين الأسدين فارس والروم، ولا والله ما في بلادهم يومئذ من شيء يحسدون عليه، من عاش منهم عاش شقيًّا، ومن مات منهم رُدِّيَ في النار، يؤكلون ولا يأكلون، والله ما نعلم قَبِيلا من حاضر أهل الأرض يومئذ كانوا أشر منزلا منهم، حتى جاء الله بالإسلام فمكن به في البلاد، ووسع به في الرزق، وجعلهم به ملوكا على رقاب الناس. وبالإسلام أعطى الله ما رأيتم، فاشكروا لله نعمه، فإن ربكم مُنْعِم يحب الشكر، وأهل الشكر في مزيد من الله [تعالى] )
وهذا كلام عظيم من إمام جليل يبين أن لا عز إلا بالإسلام وقد جاء عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام فمتى ابتغينا بغير الإسلام أذلنا الله".
وقال الشاعر محمد توفيق:
وَلِلدينِ مِنّا بَيعَةٌ في رِقابِنا يُمالُ عَلَيها رُكنُنا وَيُقامُ
تَرَكنا كِتابَ اللَهِ خَلفَ ظُهورِنا وَلَيسَ لَنا إِلّا الكِتابَ إِمامُ
فَحَلَّ بِنا هَذا البَلاءُ وَإِنَّنا لَنُجزى عَلى تَفريطِنا وَنُضامُ
وَيا ناشِدي الإِصلاح إِنَّ دَواءَكُم صَلاةٌ هَدمتُم رُكنَها وَصِيامُ
وَإِيمانُ صِدقٍ لا يُشابُ بِباطِلٍ وَفِعلٌ إِذا جَرَّ الفَعالُ كَلامُ
وَعِلمٌ يُجلي الشَكَّ عَن كُلِّ حادِثٍ إِذا ما أَظَلَّ الحادِثاتِ قَتامُ
فَجوبوا الفَيافي لِلمَعارِفِ إِنَّها لِمَنثورِ عِقدِ الصالِحاتِ نِظامُ
وعلى هذا، فإن نهضة المسلمين في زمن الخلفاء الراشدين كانت بسبب تمسكهم بهذا الدين واستقامتهم عليه واعتزازهم به، وبإرخاص حياتهم في سبيل إعزازه، وإن ما نحن فيه من ذلة وهوان ليس راجعا إلى الإسلام، وإنما راجع لضعف إيمان المسلمين وقلة يقينهم وعدم تمسكهم بشرائعه.